بتوقيع اتفاقية إنشاء خط اتصال مباشر بين البنوك الإيرانية والروسية بات من الممكن ربط البنوك الإيرانية بـ 106 بنوك في 13 دولة أخرى.
حيث أعلن محافظ المصرف المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، مؤخراً، أنه تم إنشاء خط اتصال مباشر بين البنوك الإيرانية والروسية، وذكر فرزين أن ذلك جرى في إطار وثيقة العمل المشترك الموقعة بين المصرف المركزي الإيراني مع البنك المركزي الروسي.
ولفت إلى أنه إضافة إلى التواصل المباشر مع البنوك الروسية، ستتمكن شبكة المصارف الإيرانية من الاتصال مباشرة مع 106 مصارف أجنبية من المصارف غير الروسية في 13 دولة. وأضاف: "نعمل على ترميم وإصلاح القنوات المالية بين إيران والعالم".
تعتبر المبادلات النقدية والمالية من أهم وسائل تقييد المبادلات التجارية بين الدول، والتي لطالما كانت العقبة الرئيسية والحاسمة في مجال العقوبات الاقتصادية.
العديد من التبادلات التجارية في العالم والتي تتم من خلال أنظمة دولية متكاملة، وخاصة سويفت تقوم على عملات مثل الدولار واليورو، والتي تسيطر عليها وتراقبها الولايات المتحدة والدول الغربية.
لقد سهّل وجود هذا القيد على الدول الغربية التعليق على استخدام نظام سويفت من قبل دول العالم ومنعها من إجراء معاملات تجارية على أساس عملات اليورو والدولار.
وبناءً على ذلك، فإن أهم خطوة للتغلب على حواجز العقوبات التي فرضتها الدول الغربية هي استخدام أنظمة بديلة وتنظيم المعاملات التجارية على أساس العملات الوطنية.
بسبب إنخراط العديد من الدول في متاهة العقوبات الصعبة، والتي تقوم على النهج الأحادي الأمريكي، فإن تحقيق آليات نقدية ومالية بديلة كان على أجندة العديد من الدول المستقلة منذ سنوات.
في السياق، يعتبر العمل المنسق بين طهران وموسكو في هذا المجال، وفي الوقت الذي يتم فيه تسريع التعاون التجاري الثنائي، أرضية جيدة لتطوير التعاون مع البلدان الأخرى.
خلال الأشهر الأخيرة، اتخذت إيران وروسيا خطوات مهمة للغاية في أبعاد اقتصادية أخرى أيضا، مما يدل على قدراتهما ورغبتهما في تحقيق الأهداف المشتركة للبلدين لإقامة علاقات اقتصادية جديدة. وانطلاقاً من ذلك فإن أهمية إنشاء آليات نقدية ومصرفية مستقلة، مع الأخذ في الاعتبار الاتجاه الذي يحكم الهياكل القائمة في العالم، والذي يخضع بشكل كامل لإشراف ورقابة نظام الهيمنة، هو أكثر من مجرد إجراء تقني في مجال التعاون المصرفي، إنها خطوة إستراتيجية على طريق هزيمة السياسات الجائرة والتعنّتية التي ينتهجها الغرب إزاء الدول المستقلة.
في ذات الوقت، كان النقل بالسكك الحديدية والعبور من أهم جوانب الزيارة الأخيرة لـ "إيغور ليفيتين" المستشار الخاص للرئيس الروسي إلى إيران. وفقا للاتفاقيات، سيتم تنفيذ خط سكة حديد رشت - أستارا باعتباره الحلقة المفقودة للممر بين الشمال والجنوب في غضون 3 سنوات.
وبحسب إعلان رئيس منظمة المساعدة الاقتصادية والفنية والاستثمار الإيرانية، كانت روسيا أكبر مستثمر في إيران بـ2.7 مليار دولار. بناءً على الاتفاقات المبرمة، من المفترض أن تزيد قيمة الاستثمار الروسي في صناعة النفط الإيرانية وحدها 10 أضعاف.
علاوة على ذلك، فإن اتفاق البلدين على استكمال خط سكة حديد رشت - أستارا باستثمارات موسكو بسبب استكمال الممر الاستراتيجي بين الشمال والجنوب سيخلق تغييرات تجارية واقتصادية عميقة على مستوى المنطقة والاقتصاد الدولي، مما سيؤدي إلى إلزام المستفيدين من هذا المشروع لكسر القيود الاقتصادية والتجارية والمالية التي يضعها نظام الهيمنة.
ما يمكن ملاحظته في مجمل العلاقات ووجهات النظر المشتركة بين البلدين هو الوصول إلى مبدأ ضرورة التقارب بين الجيران المتواجدين في مقدمة النظام العالمي الجديد، وذلك من أجل التعامل مع عصا العقوبات والعنجهية الغربية. وهناك وجهة نظر مشتركة بين الأطراف مفادها أن نظام العقوبات الأحادية يعيق عملية التنمية ويسبب تصعيد الأزمات الإقليمية والعالمية، لهذا تلوح في الأفق ضرورة إنشاء مؤسسات مشتركة ومتكاملة للتعامل مع العقوبات وتفعيل القدرات الدولية ضد الدول التي تفرض عقوبات.
باتت أهمية التقارب الاقتصادي أكثر وضوحا عندما أعرب المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون في عدّة مناسبات عن قلقهم بشأن هذه العلاقات في الأشهر الأخيرة. ويرجع هذا القلق إلى حقيقة أن هذا التعاون إلى جانب تحييد العقوبات، يمكن أن يصبح نموذجا لتقارب إقليمي وعالمي أكبر.