خلال الأيام القليلة الماضية، بينما كنت أتصفّح أخبار المبادرات والتحركات الشعبية لمساعدة لبنان وأتابع المجموعات الخاصة بها، لفتت إحدى الرسائل انتباهي، حيث كان مضمونها التالي: "قرر أحد سكان قرية أفراتختة أن يبيع فورًا قطعة أرض مساحتها 200 متر مربع مقابل 800 مليون تومان في هذه القرية". وأضاف أن "جميع عائدات بيع الأرض ستودع في حساب مكتب سماحة القائد كمساعدةٍ لجبهة المقاومة اللبنانية".
ماذا يريد الأعمى من الله؟! عينين مبصرتين. والمراسل؟! موضوعًا بهذه الجودة من وسط غابات جرجان حيث يعرض أحدهم كلّ ممتلكاته في مزادٍ علنيٍّ من أجل المقاومة. أقتفي طرف خيط الرسالة التي يتم تداولها في مجموعات مختلفة للعثور على مشترٍ بشكلٍ عاجلٍ، وأصل أخيرًا إلى رقم. وبعد الاتّصال عدّة مرات، أجابني رجل ناضج عبر الهاتف من خلف ضجيج ورشته: "أنا لست صاحب الأرض، لكني أعلم أنها ترفض إجراء المقابلات بالمطلق. حتّى أنّهم اتصلوا عدة مرات من الإذاعة والتلفزيون، لكن زوجتي رفضت".
حين عرفتُ أن صاحبة هذه الأرض الشهيرة هي سيّدة، ازددتُ شوقًا وإصرارًا في الوقت عينه. وبعد دقائق وعدني الزوج عبر الهاتف بأنه سيتحدث مع زوجته مرة أخرى. لكن في اليوم التالي، لم يكن في جعبته لي أيّ أخبارٍ سارّة. "لقد قلت إنها لن توافق. لكن..".
وفي النهاية، قرّرتُ أن أتولّى عملية إقناع صاحبة الأرض بنفسي. وقد كانت عملية ناجحة، بشرط عدم ذكر اسم العائلة وأيّ تفصيل عنها في روايتي.
اللافت أنّ حياتها وزوجها لا تخلو من هذه المشكلات والجراح. وهما عالقان في تفاصيل تغطية نفقات زفاف إحدى بناتهما، والرجل يعيل الأسرة من راتبه كعامل. لهذا السبب، كان السؤال الأول من مقابلتي مع السيّدة، قصّة هذا العطاء والحافز الذي يجعل من فكّ التعلّق والتخلّي أمرًا سهلًا على الإنسان. وأجدني أسمع الجواب على الفور: "أيّ دافع أقوى من أوامر قائدي؟!"
طبعًا لمستُ بين كلماتها أنّ هناك شريكًا لها في هذا العمل الصالح، شريكًا قد يكون معروفًا أو غريبًا لا تعرفه بعد. بصراحة، لقد عقدتُ النيّة على أن يكون الشخص الذي يشتري الأرض، فيكون وسيطًا في هذا العمل الصالح، شريكًا لي في الأجر والثواب.
لقد تعلمت البذل والإنفاق من والدها. منذ طفولتها، كان الوالد يعلّمها وإخوتها درس البذل والإنفاق دون أن يشعروا بذلك. وفجأةً، من سنّ الأربعين ونيّف، أراها تقفز إلى عالم الطفولة لتقول لي: "كان في حيّنا أطفالٌ يعيشون مع جدّتهم ولم تكن حالتهم المادية جيدة. لقد توفي والدهم وتزوجت والدتهم من جديد. ولهذا السبب كان والدي يعطينا المزيد من المال لنعطي جزءًا منه لهؤلاء الأطفال. كان بإمكانه القيام بذلك بنفسه، لكنّه كان يريد منا أن نفعل ذلك".