تشير أهداف خطة التنمية لمدة 20 عامًا إلى أن إيران ستمثّل 10% من تجارة الغاز الطبيعي العالمية بحلول عام 2025، إلّا أن ارتفاع مستوى الاستهلاك المحلي، وعدم قدرتها على جذب رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا، سيجعلان البلاد غير قادرة على تحقيق أهدافها.
بموجب خطة التنمية السادسة (2016-2021) ووثيقة الرؤية التنموية بحسب الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية، محسن خوجاشمهر، من المخطط زيادة إنتاج البلاد من الغاز بمقدار 500 مليون متر مكعب بحلول عام 2028، منها 120 مليون متر مكعب تتعلق بتطوير حقل كيش.
ويُعدّ حقل بارس الجنوبي أكبر حقل غاز في العالم، ويحتوي على نصف احتياطي الغاز في البلاد، و 70% من إنتاج الغاز في البلاد مرتبط بهذا الحقل، ولم يكن لدى إيران هذا الحقل قبل الثورة، واستُثمِرَ 85 مليار دولار في هذا الحقل.
حقول الغاز غير المطوّرة
في المقابل، تمتلك طهران 60 حقل غاز طبيعي في البلاد، طُوِّرَ 47 أو 48 منها وهي قيد التشغيل، بينما ما يزال الباقي غير مطوَّر. وسيدعم حقل غاز كيش، الذي يتمتع بقدرة عالية في الإنتاج، عند تطويره قدرة إنتاج الغاز.
في عام 2021، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، وزير النفط الحالي جواد أوجي، إن هناك أكثر من 10 حقول غاز غير مطورة في البلاد.
وتشمل سعة الاستعمال القصوى الحالية: استخراج الغاز من حقول الغاز، وكذلك الغاز مع النفط، والاستخراج الأقصى من الحقول المشتركة، ومن حقول الغاز المستقلة، والاستعمال الأقصى لسعة مصافي الغاز.
وتُعدّ زيادة رفع سعة خطوط نقل الغاز إلى الحدّ الأقصى في البلاد ومحطات زيادة ضغط الغاز من بين أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها من أجل مواجهة تحدي توازن الغاز السلبي في البلاد.
أكبر حقول الغاز الإيرانية
في الأسبوع الماضي، وُقِّعَ عقد تطوير المرحلة الأولى من حقل غاز كيش، بين شركة بارس للنفط والغاز وشركة إيران للهندسة البحرية والإنشاءات.
ويُعدّ حقل غاز كيش من أكبر حقول الغاز بالبلاد، ويبلغ احتياطي الغاز الطبيعي في هذا الحقل 56 تريليون قدم مكعبة قياسية، وسيتمتع عند تطويره بالكامل بالقدرة على إنتاج 120 مليون متر مكعب من الغاز الخام يوميًا.
ويُصَنَّف حقل كيش أكبر حقل غاز بحري في العالم، واكتُشِفَت احتياطياته في عام 2006، ويُعتقَد أنها تحتوي على ما يُقدَّر بنحو 1.7 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في الموقع، ويمكن استخراج 1.4 تريليون متر مكعب منها.
وتحتوي احتياطيات الحقل على أكثر من 500 مليون برميل من مكثفات الغاز.
تجدر الإشارة إلى توقيع عقد مشروع تطوير حقل كيش بين شركة بارس للنفط والغاز وشركة الهندسة البحرية والإنشاءات بعد 15 عامًا من الاكتشاف.
لأول مرة وفي عام 2007، عندما واجهت إيران مشكلة نقص الغاز الطبيعي، أصبح تطوير حقل كيش من أولويات وزارة النفط.
ووُضِعَتْ خطة لتطوير حقل غاز كيش على 4 خطوات، وهو أكبر مشروع غاز في البلاد بعد جنوب بارس.
عند تنفيذ خطة تطوير حقل كيش، تمّ التخطيط لاستخراج 28.3 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز الخام و 11.3 ألف برميل يوميًا من المكثفات.
وسيُنقَل الغاز من جزيرة كيش إلى مصافي منطقة عسلوية، وسيُضاف الغاز المكرر إلى شبكة الغاز الوطنية في البلاد، وتبلغ قيمة هذا العقد 900 مليون دولار، ومدة تنفيذه 14 شهرًا.
سيكون للحقل معدل استخراج 70% في المرحلة الأولى، وينتج 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي و 11 ألف برميل من مكثفات الغاز يوميًا بمجرد تشغيل المرحلة الأولى.
على عكس حقل بارس الجنوبي (المشتركة مع دولة قطر)، يقع حقل كيش بالكامل داخل الحدود البحرية الإيرانية، بالقرب من مضيق هرمز.
ونظرًا لموقعه الإستراتيجي، يُنظر إلى الحقل على أنه مركز رئيس للغاز في المنطقة الغنية بالنفط.
وقال وزير النفط جواد أوجي: "إن هذا العقد، وعقود أخرى، تُظهر أن العقوبات (الأميركية) لم توقفنا، وإن صناعاتنا النفطية والغازية والبتروكيماوية تواصل عملها".
مراحل تطوير حقل غاز كيش
على الرغم من مطالبة وزارة النفط الإيرانية باستغلال حقل كيش خلال 14 شهرًا، تجدر الإشارة إلى أن العقد الأول لتطوير هذا الحقل وُقِّعَ في شتاء عام 2007، الذي -بموجبه- كان من المفترض أن تكون شركة الهندسة وتطوير النفط لتطوير هذا الحقل في غضون 48 شهرًا.
علاوة على ذلك، وُضِع مبلغ 2.2 مليار دولار في الحسبان، وفي عام 2013، عندما وصلت الحكومة الجديدة إلى السلطة، توقَّف هذا المشروع، وفي عام 2014 خضع لتغيير كبير.
في عام 2015، أُجرِيَت مناقصة لبناء مصفاة في هذا الحقل، فازت بها مؤسسة ترويج التجارة الإيرانية وشركة أجنبية مقابل 600 مليون يورو (641.85 مليون دولار)، لكن وزارة النفط صوّتت على إلغاء هذه المناقصة الرسمية المهمة، ولم تقدّم أيّ تفسير لذلك.
ويشير الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، إلى حجم إنتاج الغاز الطبيعي في إيران، حتى نهاية عام 2021:
إنتاج الغاز الطبيعي في إيران
وفي عام 2016، حصل تغيير آخر في تنفيذ المشروع، إذ قرر وزير النفط السابق بيجان زنغنه أن تطوير حقل كيش يجب أن يُنَفّذ وفق نمط عقود الهندسة والمشتريات والبناء والتمويل.
وكانت أعمال المناقصة جارية عندما جاء الأمر لدفع تطوير حقل غاز كيش في شكل عقود نفطية جديدة.
يجب أن يؤخذ في الحسبان أن عقد تطوير حقل كيش وُقِّعَ مع شركات إيرانية، بينما وقّعت طهران مع شركة غازبروم الروسية مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار في يوليو/تموز الماضي.
بموجب مذكرة التفاهم هذه، كان من المفترض أن يطوّر الروس حقلَي الغاز كيش وبارس الشمالي، مع زيادة ضغط حقل بارس الجنوبي، كما يطوّرون 6 حقول نفط، ويكملون مشروعات الغاز الطبيعي المسال، مع مبادلة الغاز والمنتجات النفطية، وبناء خطوط أنابيب لتصدير الغاز.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قام الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية مع نائب مدير شركة غازبروم بزيارة المرحلة الأولى من حقل غاز كيش.
وزار محسن خوجاشمهر وفيتالي ماركيلوف موقع تطوير المرحلة الأولى من حقل غاز كيش.
بعد ذلك، شاركا في اجتماع لجنة المتابعة الفنية للمفاوضات، الذي كان يهدف إلى دفع وتنفيذ مذكرة التفاهم الإستراتيجية بين شركة النفط الوطنية وغازبروم.
تطوير حقل كيش في إيران
بعد توقيع عقد تطوير حقل كيش للغاز الطبيعي، أثيرت بعض الأسئلة، منها: عندما أصبحت إيران مستوردًا للغاز الطبيعي في عهد الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، لماذا أُهمِلَ العقد على الرغم من حاجة البلاد إلى زيادة القدرة الإنتاجية للغاز الطبيعي في حقل كيش؟
في المقابل، يمكن للشركات المحلية استغلال جميع مراحل حقل كيش، فلماذا جرى تجاهلها حتى اليوم؟
بالنظر إلى أزمة الطاقة وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في العامين الماضيين، بما في ذلك أكثر من عقد من التأخير في تشغيل المرحلة الأولى من حقل كيش، فقدت طهران الدخل الأجنبي.
ولو شُغِّلَ حقل غاز كيش وفقًا للخطة، لكانت إيران قد ربحت أكثر من 20 مليار دولار بالعملة الأجنبية، بينما صدّرت إيران 7% فقط من إنتاجها من الغاز الطبيعي العام الماضي، مما جعلها تكسب 4 مليارات دولار.
بالإضافة إلى توفير الغاز الطبيعي المطلوب، يمكن لطهران أن تصبح لاعبًا رئيسًا في سوق الغاز الطبيعي العالمية. وإذا لم تكن التنمية أولوية للدولة، فمن الطبيعي أن يضطر الشعب الإيراني للتعامل مع أزمة الطاقة، وأن يشهد ضياع الفرص في سوق الطاقة العالمية.
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح